قصة حلوى الحلقوم

عندما تتجول بين شوارع وأزقة مدينة المآذن إسطنبول بتركيا، فإنك تشم رائحة القهوة ممزوجة بالشاي وطعم الحلويات التقليدية، ولن تقاوم إلا بتذوق كل منها، ومن هذه الحلويات المشهورة والشعبية " حلوى الحلقوم أو اللوقم " والتي كانت في السابق من الحلوى الخاصّة بالملوك والسلاطين العثمانيين، عمرها 600 سنة بدأت قبل المسيحية، والإسلام، وحتى قبل الإمبراطورية العثمانية حيث كان بعض الأباطرة يأكلون، ويحبون ما يشبه حلوى الحلقوم مابين فترة ( 226 ـ 652 ق.م ) ثم اختفت إلى أن ظهرت في القرن الخامس عشر في مدينة " كاستامونو " وفي القرن السابع عشر بدأ السلاطين العثمانيين يأكلون هذا النوع من الحلوى مما جعلها تنتشر بسرعة في تركيا.

وقد قيل في بعض الأساطير أن السلطان طلب صناعة هذا النوع من الحلوى للحفاظ على الوئام بين الحريم من زوجاته.

وأنها أول وصفة كانت فريدة من نوعها، فعمل مَن في القصر على مزج العسل والدبس والنشا والمستكة حتى كان الحلقوم، وفي تلك الفترة جاء شخص اسمه "محي الدين بكر أفندي"من مدينة " كاستامونو "إذ أبدع في صناعتها واشتهر بالتخصص فيها، ثم جاء عالم اسمه " كينانوف " الذي اخترع النشا، وبهذا أمر السلطان عبد الحميد أن النشا يُمزج مع السكر باستخدام العسل و الدبس ليصير حلوى الحلقوم

وصلت "حلوى الحلقوم" إلى أوروبا وخاصة بريطانيا في نهاية القرن التاسع عشر في عهد السلطان محمود الثاني، عن طريق سائح بريطانيّ زار إسطنبول وذاق منها فأعجب بها كثيرًا وتُعرف باسم Turkish delight بالإنجليزية حتى يومنا هذا، وأول ما كُتب عن حلوى الحلقوم كان في عام 1844 في كتاب "تاريخ الحلوى التركية" يصف فيه طريقة تحضيرها إضافة إلى الأكلات التركية المشهورة، وقد دخلت كذلك إلى مسابقات كثيرة لما لها من فوائد كثيرة: تخفف الضغط، تُسهل الهضم، حتى أنها أخذت مسار آخر في مناطق الأناضول لمعالجة الجروح ووصفها كدواء معين.

وتشارك حلوى الحلقوم الى يومنه هذا الكثير من المعارض، ولا يخلو أي معرض في أي دولة إلا ويكون هناك جناح خاص بها بكل أنواعها للتعرف عليها، وأنها من من الحلويات المشهورة والشعبية ذات أصل تركي قديم.

ماهي مكونات حلوى الحلقوم؟

تتكون حلوى الحلقوم من النشا والسكر إضافة للنكهات المتعددة، وهناك أنواع بالبندق والجوز والفستق وجوز الهند، ومنها ما هو مغطس بالشوكولاتة، وقد استفادت من التقنيات الحديثة لطرحها بأشكال مختلفة، مطعمة بنكهات عديدة من الليمون والورد وماء الزهر.

كيفية تحضير حلوى الحلقوم؟

تمرّ صناعة الحلقوم بعدّة مراحل، وذلك بعد تجهيز المكوّنات الرئيسية المتمثلة بالنشاء، والسكر ومنكهات مختلفة كماء الورد، والزعفران، والليمون، إضافة إلى عصائر بعض أنواع الفاكهة،وتمر بالمراحل التالية :

1. 1ـ خلط النشاء مع السكر، ثمّ تركه لثلاث ساعات حتى يتماسك الخليط.

2. 2ـ صبّ الخليط في قوالب معيّنة وتركه لساعات تتراوح بين اثنتي عشرة ساعة وأربع وعشرين ساعة.

3. 3ـ إضافة المنكّهات والعصائر المختلفة. 4ـ حشوة الحلقوم بمكسّرات مختلفة مثل: الجوز والفستق والبندق.ثم رشّ عليها بودرة السكر، ولها مسميات عديدة في البلدان المختلفة ففي فلسطين تسمى راحة أو حلقوم وفي اليونان تسمى «لوكومي» وفي السودان «حلاوة لاكوم» وفي مصر «الملبن» وفي البوسنة «راهات لوكوم» وفي الكويت «كبدة الفرس.

يكثر بيع هذه الحلوى بالأماكن السياحية أيضا، حيث تنتشر المتاجر المتخصصة على طول الشوارع الأثرية بالمدينة، مثل السلطان أحمد، وبيازيد، وأكسراي، ولاليلي.

وإضافة إلى ذلك تُقدم حلوى الحلقوم مع القهوة التركية أو الشاي التركي كطبق تحليه لذيذ وخفيف، وعند زيارة المنازل يُعد تقليد بحيث يجب أخذ هدية أو طبق من الحلوى اللذيذة معك في الزيارات أو المناسبات العائلية.

وأكثر ما يُبهج السائح هي طبقات الحلقوم المصفوفة بين أرجاء المحلات، والتي تنتظر السائحين أو سكان البلد لتذوقها، أو يحملونها معهم كهدايا تذكارية مميزة من المدينة العريقة.

إن الإحصائيات التي أقيمت أكدت على تجاوز حجم الصادرات حلوى الحلقوم على 520 طن بقيمة مليون و572 ألف و800 دولار، وبهذا تحظى الحلقوم بشهرةٍ كبيرة على نطاقٍ عالمي واسع على غرار تركيا.

حلوى الحلقوم كانت ومازالت بمذاقها المميز، تُواصل منذ عقود، التحليق على مستوى العالم، لتكون الرفيق الدائم للمناسبات العائلية، وصديق اللحظات الحلوة والجميلة في كل زمان ومكان.