موائد الشارع الرمضانية في تركيا | ومازالت | تركيا شقة الاحلام
top of page

موائد الشارع الرمضانية في تركيا



لقد عرف الشعب التركي بالكرم وحسن الضيافة وتتمثل هذه الأخلاق الحسنة في العديد من العادات والتقاليد التي لا تزال متبعة حتى اليوم والتي من أهمها عادة الموائد الممتدة في الشوارع التركية خلال أيام شهر رمضان المبارك. فما هي الموائد الرمضانية التركية وما قصتها؟

تاريخ موائد الشارع الرمضانية في تركيا

موائد الشارع الرمضانية هي تقليد عثماني أصيل كان يتم بشكل عفوي حيث يتجمع الناس في الأحياء والشوارع حاملين معهم أصناف الطعام التركي المختلفة للإفطار ويتشارك الجميع في الإفطار كتعبير عن المحبة والتآلف بين الشعب التركي بمختلف أطيافه، وبالتالي فهي عادة تاريخية قديمة كانت موجودة ولكن المسؤول عن إعادة إحياء هذه العادة في المجتمع التركي من جديد وجعلها في قائمة العادات التي مازالت مستمرة حتى يومنا هذا هي بلدية حي الفاتح في مدينة اسطنبول والتي كان لها السبق في نشر مثل هذه العادة الجميلة مرة أخرى في جميع مناطق ومدن تركيا وحدث الأمر من خلال المبادرة اللي أطلقت عام 2005 برئاسة مصطفى دمير رئيس بلدية الفاتح آنذاك والذي اقترح تحضير مائدة إفطار كبيرة في منطقة مسجد السلطان أحمد ضمت حينها أكثر من عشرين ألف شخص. ولا زالت هذه المائدة تقام كل عام في منطقة أكسراي التابعة لحي الفاتح.

وبهذا انتقلت فكرة موائد الشارع الرمضانية من كونها تقليد عفوي لتصبح نشاطا رسميا منظما من قبل بلدية كل منطقة في تركيا، ونلحظ وجود مثل هذه العادات في بعض الدول الاسلامية أيضا. يتم تنظيم هذه الموائد في أغلب المساجد والساحات الرئيسية وعلى الرغم من كون المسؤول الأساسي عن تنظيم هذه الموائد هي البلدية إلا أن العائلات التركية البسيطة تساهم أيضا عبر إعداد الوجبات التركية الشهية وتحضيرها للصائمين بالإضافة إلى مشاركة الجمعيات الخيرية والمؤسسات الوقفية والأفراد المتبرعين لإفطار الصائمين والمحافظة على هذه العادة الجميلة.


ومما يميز موائد الشارع الرمضانية في تركيا هي أنها تجمع الناس من جميع التوجهات والأديان وفئات المجتمع التركي والأجانب على حد سواء، ونرى كثير من السياح والزوار الذين يتعمدون زيارة تركيا في أيام رمضان المباركة ليحظوا بهذه التجربة الاجتماعية والروحانية الرائعة، وقد تعرف الكثير من الأجانب على الصورة الحقيقية للإسلام والمسلمين من خلال موائد الشارع التركية ومن ثم نقولها إلى بلادهم فكانت وسيلة لانفتاح ديني وثقافي غير مسبوق.

ويكفي أن تتخيل المشهد المهيب والمليء بالتواضع والرحمة والذي يجمتع فيه عشرات الآلاف جنبا إلى جنب ويتقاسموا طعام الإفطار في رمضان على مائدة واحدة مصحوبة بمجموعة من الطقوس الجميلة والمتنوعة والتي تختلف من منطقة إلى أخرى مثل وصلات المديح النبوي والإنشاد الديني، والدعاء الجماعي والابتهالات الدينية وحلقات الذكر والأنشطة الثقافية والفنية المختلفة. كما ويكسر الصائمون صيامهم على أصوات مدافع حقيقية تعيدنا للزمن العثماني المجيد. ولهذا السبب نستطيع أن نعتبر هذه الموائد تعبير واضح وصريح عن الهوية العثمانية والتاريخ الاسلامي العريق للشعب التركي فلا يكتفي الأتراك بوضع مائدة إفطار الشارع بشكل عفوي بل يصرون على احاطتها بكل ما يذكرهم بماضيهم الأصيل وعاداتهم الحميدة.

ولعلنا لم نلحظ في هذا العام تواجد هذه العادة القديمة التي كانت ولا زالت بسبب ظروف جائحة كورونا لكنها ستبقى أحد أهم العادات التي تساعد الأجانب الذين يأتون لزيارة تركيا أو الاستقرار فيها على الاندماج مع الثقافة التركية والتأقلم بشكل أسرع مع الشعب التركي. لذا نتوقع أنها ستعود لتزين شوارع تركيا وأزقتها خلال أيام شهر رمضان المبارك مع عودة الحياة لطبيعتها في الأيام القادمة.


أحدث منشورات

عرض الكل
bottom of page