الآثار العثمانية في البلاد العربية

لقد عرفت الحضارات التي مرت على الانسانية من خلال الآثار والشواهد المعمارية الفريدة التي صنعتها وبقيت خالدة حتى يومنا هذا، وينطبق الأمر ذاته على الحضارة العثمانية التي استمرت ما يقارب 600 عام، في مقالنا التالي نتعرف معا على أهم الآثار العثمانية الموجودة في الدول العربية والتي كانت ولا زالت شاهدة على عظمة هذه الحضارة واتساع رقعتها.
كان لفلسطين النصيب الأكبر من الآثار العثمانية القائمة اليوم، وهذا يرجع لمكانتها الدينية الكبيرة وكونها حلقة الوصل بين قارتي آسيا وإفريقيا وبالتالي فهي بربط الدول العربية والإسلامية ببعضها في موقع استراتيجي فريد مما لفت انتباه السلاطين العثمانيين وزوجاتهم إلى هذه البقعة المباركة ومن أشهر الآثار العثمانية التي لا تزال موجودة في فلسطين حتى اليوم: تكية خاصكي سلطان، التي أنشأتها زوجة السلطان سليمان القانوني في القدس عام 1552 وهي عبارة عن مجمع خيري كبير يضم نُزل لاستضافة زوار المدينة المقدسة، وسوق السلطان أو خان التجار كما يعرف الذي أنشأه الوزير العثماني مصطفى باشا في البلدة القديمة في القدس الشريف عام 1563.
وأما مصر فقد احتوت على كتير من المساجد التي يرجع تاريخها للعهد العثماني خاصة في مدينة القاهرة ومن أشهرها مسجد صفية سلطان، زوجة السلطان مراد الثالث وأم السلطان محمد الثالث، ومسجد سنان باشا اللي أُنشأ عام 1571م. ومسجد سيدي عقبة بن عامر الموجود في وسط القاهرة والذي أنشأه الوالي العثماني محمد باشا عام 1655م. بالإضافة لمقابر الأتراك في مصر والتي تضم حوالي 4500 شهيد وتدلل على بطولة الأتراك ودفاعهم عن الأراضي العربية والأماكن المقدسة.
وأما في سوريا، فكان هناك اهتمام كبير من قبل السلاطين العثمانيين ببلاد الشام بسبب مكانتها وقربها الجغرافي من مركز الدولة العثمانية، وفي مدينة حلب وحدها هناك أكثر من 300 أثر عثماني ما بين مدارس ومساجد وتكايا وزوايا صوفية وغيره. ومن أشهرها المدرسة الخسروية بجوار قلعة حلب والتي كانت أول مدرسة يتم إنشاءها في العهد العثماني.
واحتوت دمشق العريقة على كثير من الآثار العثمانية أيضا ومن أشهرها التكية السليمانية نسبة للسلطان سليمان القانوني التي أنشئت عام 1554م. وأما للقصور العثمانية فكان أشهرها وأجملها قصر العظم الذي تم بناؤه في بداية القرن الثامن عشر بتصميم معماري عثماني فريد وكانت تسميته نسبة لوالي دمشق أسعد باشا العظم الذي أمر ببناءه عام 1749م.
وتعتبر قلعة قباء من أهم المعالم العثمانية في بلاد الحرمين-السعودية-، وهي قلعة صغيرة مبنية على تلة شمال مسجد قباء وتم بناؤها مع مجموعة أخرى من القلاع والحصون فترة الحرب العالمية الأولى على يد القائد العثماني فخري باشا. بالإضافة لمسجد المعمار في مدينة جدة الذي أُنشأ قبل أكثر من أربع قرون بأمر من والي جدة مصطفى معمار باشا.
أما الآثار العثمانية في بلاد المغرب العربي فهي كثيرة، ومن أشهرها جامع يوسف داي في تونس وهو أول جامع حنفي يتم بناؤه بعد الفتح العثماني لتونس وأنشئ المسجد عام 1612 م، وفي الجزائر يوجد العديد من القصور العثمانية ومن أهمها قصر الحاج أحمد باي، و قصر مصطفى باشا بالإضافة للعديد من المساجد العثمانية القديمة والتي أشهرها مسجد كتشاوة والذي شيد سنة 1612 وتحول الى كنيسة في عهد الاحتلال الفرنسي ثم عاد كمسجد بعد الاستقلال و في عام 2013 مؤسسة تيكا قامت بترميم هذا المسجد.
ولم تقتصر الآثار العثمانية على البلاد العربية بل هناك آثار عديدة في دول مثل البوسنة والهرسك، بلغاريا واليونان وغيرها. واهتمت الحكومة التركية بشكل كبير بهذه الآثار وذلك من خلال إنشاء مؤسسة تركية تابعة للحكومة متخصصة بترميم الآثار العثمانية في دول العالم المختلفة والاهتمام بها والتي تعرف باسم تيكا وتم إنشاؤها عام 1992 . حيث تعمل المؤسسة على تنفيذ مشاريع ترميمية وخيرية في أكثر من ثلاثين دولة، ومن أضخم مشاريعها ترميم جسر سوقولو محمد باشا في منطقة البلقان وترميم الساعة الحميدية نسبة للسلطان عبدالحميد الثاني في مدينة طرابلس اللبنانية.