تركيا: محاسبة المسؤولين عن بناء العقارات المتأثرة بالزلزال
- تركيا شقة الأحلام

- 18 فبراير 2023
- 3 دقيقة قراءة
تاريخ التحديث: 19 فبراير 2023

أدى الزلزال الأخير الذي ضرب المنطقة في السادس من شهر شباط/فبراير الجاري بشدة 7.8 على مقياس ريخبر إلى انهيار آلاف الأبنية في تركيا ووفاة أكثر من 39 ألف شخص وما يزيد عن 108 آلاف مُصاب حتى الآن في حصيلة غير نهائية.
ليضع ذلك الأمر العديد من عشرات الاستفهام حول المسؤولين فق قطاع التشييد والبناء ووضعهم في قفص الاتهام بسبب ترجيح الخبراء أن الدمار الواسع الذي أحدثه الزلزال يعود إلى عدم التزام المقاولين بلوائح البناء المُتضمنة معايير فنيّة تضمن صمود المباني ضد الزلازل.
بالمقابل أشاد البعض بأحد المقاولين المدعو "أيدن دورسون" الذي أشرف على بناء أكثر من 1000 عقار في مدينة هاتاي (إحدى المُدن المُتضررة بالزلزال) موزعة على حوالي 50 مُجمع سكني جرى بنائه بين عامي 1987 و2002 ولم تتعرض للأذى جرّاء الزلزال.
وكانت السلطات التركية قد أوقفت على خلفية الزلزال وآثاره عشرات المقاولين ومُلاك المُجمعّات السكنية التي أنهارت، فلدى تركيا لوائح كافية لتجنب حدوث كارثة مثل الكارثة التي حدثت قبل أيام إلا أنه تم التساهل في تطبيقها من قبل بعض شركات الإنشاء والمقاولين الأتراك.
ذكر المُهندس المدني "سعد النحلاوي" الذي يعمل بإحدى شركات التطوير العقاري في تركيا، عن ماهية المعايير الفنيّة التي يجب على المقاولين الالتزام بها من أجل ضمان سلامة البناء وصموده سواءً في مواجهة الزلازل أو غيرها.
مُضيفاً أن هُناك عدة مواصفات تتعلق بالتصميم الإنشائي لشتى أنواع المُبانئ والعقارات تتضمن ما يُسمى بـ (الأكواد) وهي ذات معايير فنية خاصة تتباين وفق الموقع الجغرافي ومدى قربها من الفوالق الزلزالية وحالة التُربة ومستوى المياه الجوفية.
كما أشار المُهندس إلى أن تركيا لديها "كود بناء" يجري تحديثه كل عدة أعوام وآخر تحديث لكود التصميم الزلزالي كان في العام 2018 ويغطي هذا الكود الغديد من العوامل بعضها مرتبط بالزلازل والآخر بالرطوبة والتقدم في عُمر البناء وبنسبة الاسمنت ومقاومة الشد في الأعمدة.
مُشدداً على أن هذه المعايير تدخل في إطار تفاصيل كثير كونها تضع حد أدنى للمساحة بين الأعمدة وطولها وعرضها ونسبة التسليح ومعالجة التربة ونسبة عُمقها بالإضافة إلى نسبة الاسمنت والحصى في الخلطة المستخدمة للبناء.
وتابع المُهندس بالقول إنه عند دراسة مقاومة البناء للزلازل يتم الأخذ بعين الاعتبار أن هُناك اختلافات فيها بينها، فمنها زلازل أفقية وأخرى عامودية، عدا عن الزلزال الارتجاجي والزلزال الدوراني، ثم يتم التوجه إلى صياغة توليفة من هذه الأنواع، إلى جانب تطبيق تجارب على الوحدة الإنشائية للتأكد من قدرة على التصدي لجميع أنواع الزلازل.
وبالنسبة لتأثير استيفاء المعايير الفنية الخاصة على مقاومة البناء للزلازل فإنه وفقاً للمُتحدث عادةً ما يصمد البناء المُستوفى للمعايير أمام الكوارث بالرغم من إمكانية تأثره كتشقق الجدران وتكسر الزجاج والطوب أو سقوطه إلا أن الأعمدة والأساسات يجب ألا تتأثر إلا في حالات الزلازل القوية جداً.
على سبيل المثال إن جميع المباني التي أشرفت شركة توكي الإنشائية الحكومية على بنائها والتي تزيد عن 150 ألف شقة في المنطقة الزلازل لم تشهد انهياراً كونها تلتزم بضوابط البناء ومعاييره.
ويرى المهندس النجلاول إن أسباب انهيار المباني تعود إما لعدم التزام المقاول بضوابط البناء أو لأن البناء جرى إنشاؤه فوق تربة رخوة ولم يتم تعزيزه، منوهاً إلى أن أحد المباني مال بشكل كلي دون أن ينهار أي شيء منها، وذلك لأن المقاول لم يقم بمعالجة مشاكل التربة.
بدوره يقول المستشار في جامعة إسطنبول التقنية "زيني تكين" إن أسباب الأنهيار هي النوعية السيئة للإسمنت الذي يُمزج مع الكثير من الماء والحصى وكميات ضئيلة جداً من الاسمنت.
ومن الاسباب الأخرى نوعية قضبان الحديد قد تكون رفيعة جداً بحيث لا تتمكن من دعم الأعمدة وهو ما يحد من متانة وجودة البناء.
من جهتها ألقت المعارضة اللوم Uلى الحكومة التركية التي عولت خلال العشرين عاماً الأخرى على تنمية القطاع العقاري ليكون قاطرة للاقتصاد التركي، وقال رئيس حزب الشعب الجمهوري "كمال كليجدار أوغلو" إن قرارات الموافقة على الأبنية التي لا تُلبي معايير السلامة وآخرها منتصف العام 2018 وخصوصاً في ولايتي كهرمان مرعش وهاتاي كانت سبباً في تحويل البيوت التي يسكن فيها المواطنون إلى مقابر (وفقاً لتعبيره).
فيما رفضت الحكومة التركية هذه الاتهامات على لسان مسؤوليها أبرزهم وزير العمران والبيئة والتغيير المناخي "مراد قوروم" الذي قال إن الغالبية العُظمي للمُدن المنهارة جرى بناؤها بين عامي 1999 و2000.
لتبادر الحكومة التركية إلى اعتقال عددٍ من المقاولين المسؤولين عن انهيار المباني بعد الزلزال، ووجهت وزارة العدل التركية النواب العاملين في الولايات العشر المُتضررة بالزلزال بفتح تحقيق في الجرائم المُتعلقة به وملاحقة المسؤوليين على تشييد المباني المخالفة للمواصفات مما تسبب في انهيارها.
ومن بين المقاولين الأتراك الذين جرى القبض عليهم "محمد بشار غوشكون" مطور المجمع السكني "رونيسانس ريزدانس" المُدمر بسبب الزلزال بعد أن طرح حملة لبيع عقارات مجمعه السكني تحت شعار "ركن من الجنة".
وقبض القضاء التركي على المالك "حسين يالتشين غوشكون" أثناء محاولة الهرب إلى دولة أذربيجان.



تعليقات